عندما ترغب في ممارسة عمل تجاري مع شخص ما
فإنك تتحرى عن أمانته، وعندما تصلك معلومات ما فستتحرا عن مدى صدق ناقلها، وعندما
تبحث عن صديق فأنك تبحث عن الشخص الوفي، وعندما يرغب شخص في الزواج من عائلتك فإنك
تتحرى عن مدى تقواه وصلاحه...الخ. ولهذا فقد خلقنا الله مختلفين فيما بيننا البين
في الاشكال والالوان والقدرات والتفكير والمواهب والذريات وحتى في الارزاق، ولكن
هذا لا يعني اننا لسنا من اصل واحد وجد واحد وهو أدم عليه السلام...
وبالنظر الى تاريخ البشر وأصولهم وانسابهم معتمدين
في ذلك على علم الانسانيات، فسنجد أن تاريخ الانسان الحديث والذي يمثله انا وانت
وجارنا الاسود وصديقنا الاوربي الاشقر و صاحبنا الصيني و الهندي و البرازيلي و
الكيني واليهودي يعود الى حوالي 200 الف عام فقط، وهناك بعض الدراسات الأخرى
التي تقول بأن تاريخ الانسان البدائي يعود الى 2.8 مليون عام.
وهذا يعني اننا جميعا نشترك في النسب
والاصل والفصل، وهذا يعني ايضا بأننا لو ادرنا عقارب الساعة الى الآف السنوات الى
الوراء لوجدنا اقارب لنا وربما ابناء عمومة من جنسيات مختلفة قد لا نتوقعها. وبناء على هذه المسلمات التي لا ينكرها الا
جاهل او عنصري، فقد قررت خوض التجربة المثيره والتعرف على أقاربي وابناء عمومتي المتواجدين
في الأمم والدول المختلفة من حولنا، وكان ذلك عن طريق القيام بتحليل حمض الـ DNA والذي يظهر لك نتائج مهولة تمتد الى 5000 عام.
وبأختصار، فقد أظهرت النتائج بأن لدي ابناء
عمومة وأقارب في كلا من الجزيرة العربية من شمالها الى جنوبها، ودول الشام و دول
الشمال الافريقي و تركيا. بل المفارقة العجيبة ان ظهر لي اقارب في فيلندا و
فنزويلا.
ما اريد الوصول اليه من خلال هذا الطرح هو:
ان جميعنا بشر، فلم اختر ان أولد وانشاء في قمم الجبال بجنوب السعودية, وانت كذلك
لم يكن لك حول ولا قوة بأن ولدت في أدغال افريقيا او انهار الامازون. الذي يميز بعضنا عن بعض هي مجرد صفات شكلية
لا اكثر، كالسعادة و الحظ و التعاسة والبؤس والغنا والفقر ومستوى التعليم ...وحتى
هذه هذه الصفات ليست ذنبي او ذنبك، بل هي نتائج لبناء تراكمي طويل من العوامل التاريخية
والجغرافية والثقافية والدينية، وفوق هذا كله "حكمة الله"، والتي بدورها أدت الى رفع و تميز بَعضُنَا عّن بعض!!
قال تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ
إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {الحجرات:13}، وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قيل:
يا رسول الله من أكرم الناس؟ قال: أتقاهم، قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فيوسف نبي
الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله، قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فعن
معادن العرب تسألون؟ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا.
ما يتم تداوله هذه
الأيام حول الأنساب و الأصول واستخدامها بطرق غير لائقة هي وبدون ادنى شك شر وذريعة
لإستثارة النعرات الجاهلية العنصرية المقيتة المهلكة التي تبعث على الإشمئزاز. وليعلم الجميع بأنه ليس هناك فروق
وراثية اوجينية تميز قبيلة او طائفة او عرق عن اخر ولكن ما يمايزهم هو العلم والجد
والاجتهاد ومخافة الله. ولنتذكر قول حبيبنا وقدوتنا ومعلمنا محمد بن عبدالله عليه
الصلاة والسلام عندما تداعى بعض الأنصار والمهاجرين ذات يوم بدعوى الجاهلية، فقال لهم
النبي صلى الله عليه وسلم: دعوها فإنها منتنة. وفي رواية: دعوها فإنها خبيثة.
الدكتور فهد الفيفي
وفقك الله .
ردحذفومتى تعود إلى أرض الوطن
وفقك الله .
ردحذفومتى تعود إلى أرض الوطن