الثلاثاء، 2 أغسطس 2016

90% من مستقبلك تحددها عاداتك!



اذكر انني كنت عند عودتي من عملي في مساء كل يوم اقوم بإلقاء مفتاح سيارتي على اقرب نقطة تقع عليها عيناي وذالك عند دخولي للمنزل. وفي صباح كل يوم تبداء رحلة البحث والتحري، واتحول من موظف متخصص في إدارة المشاريع الى مفتش محترف ومأمور تحري يتنقل بين وسادات الكنب الى اسفل دولايب المطبخ وفي زوايا المنزل بحثا عن تلك المفاتيح اللعينة. 

وهذا بدوره يترتب علية تأخر عن العمل بشكل شبه يومي ناهيك عن المشاكل الصحية من توتر عصبي وشحن ذهني سلبي في صباح كل يوم. استمرت هذه العادة السيئة لفترة طويلة إمتدت الى عدة أشهر بل أستطيع القول انها سنوات. حتى عقدت العزم على ان استبدل تلك العادة السيئة بعادة حسنة و اكثر ايجابية وفاعلية، وذالك من خلال تغيير بسيط وطفيف في روتيني اليومي. حيث قمت بتثبيت خطافات (مسامير) عند مدخل المنزل وبعد باب الدخول مباشرة، وذالك لكي اقوم بوضع المفتاح على أحدى تلك الخطافات حال دخولي فيكون هو المكان الأمن والدائم والثابت لمفاتيح السيارة وبقية المفاتيح الاخرى القابلة للضياع. 

لم يكن إستبدال تلك العادة السيئة بعادة حسنة او ايجابية بالامر الهين والسهل، حيث انه ثبت علميا ان العقل البشري يقوم بإستقبال الأفكار المختلفة في فترات عمرية مختلفة ومن ثم تكرارها حتى تصبح عادة مترسخة وثابته يصعب التخلص منها واستبدالها.  
وهذا تماما ما حدث لي، حيث ان الفترة التي استغرقتها للتخلص من تلك العادة السلبية استمر لما يقارب الشهر، حتى تمكنت اخيرامن وضع المفتاح في مكانه المخصص بعد ان كنت اتجاهله بشكل لا إرادي في الاسابيع الاولى.  

إذا حياتنا وما تحتوية من سلوكيات بأكملها تعتمد وترتكز على نوعية العادات التي نقوم بتبنيها و ممارستها في مراحل عمرية مختلفة. وهذا ما اشارت له كثير من الدراسات التي قام بها عدد من علماء النفس ومنهم العالم والكاتب جاك كانفيلد و مارك فيكتور حيث ذكرا أن ما يقارب الـ 90% من سلوكياتنا الإيجابية والسلبية و التي نقوم بها بشكل روتيني ويومي تعتمد وترتكز بشكل كبير على العادات التي نتبنها في حياتنا. 

إذا دعنا نتفق عزيزي القارئ ان عاداتك التي تمارسها بشكل يومي او دائم هي التي ستحدد نوع الحياة والمستقبل الذي ستعيشه بغض النظر ان كانت تلك العادات عادات ايجابية ام سلبية. اليس كذالك؟
وقبل البداء في الحديث عن كيف نصبح أسرا لإحدى تلك العادات السلبية؟ وكيف يمكننا التخلص منها واستبدالها بعادات حسنة وايجابية؟ دعني اخبرك بقاعدة ذهبية ظهرت مؤخرا في علم النفس الحديث وكتب ومؤلفات الاشخاص الناجحين والتي تشير إلى ان الثراء الحقيقي (معرفة معنى السعادة) لم يعد قائما فقط على ان تكون مستقلا ماليا فقط كما كان شائعا في السابق، بل اصبح في وقتنا الحالي مقرونا بتبني عادات ايجابية مرتبطة بتكوين علاقات طيبة ونقية وصادقة مع الأخرين، بالاضافة الى تبني عادات غذائية ورياضية تتعلق بصحتك، وايضا تبني عادات ذكية ومرنه تمكنك من إحداث توازن فيما بين حياتك المهنية وحياتك الاسرية او الشخصية.

وايضا قبل الحديث عن العادات السلبية، دعني اخبرك بأن هناك صنفان من البشر، صنف من البشر لديهم عادات سلبية ويدركون انها سلبية ولكن يعمل على تجاهلها بمحض إرادته، وهناك الصنف الاخر الذي يقوم بتكرار عادات معينه غير مدرك انها عادات سلبية خاطئة قد تكون سببا في تعاستهي لفترة مؤقته او ربما مدى الحياة. وقد اشار عالم النفس لس هيوت ان كثير من العادات السلبية والضارة لاتظهر نتائجها السيئة و تتكشف حقيقتها السلبية إلا في مراحل متأخرة من حياة إولائك الاشخاص. ومنها على سبيل المثال: العادات الغذائية والرياضية السليمة بالاضافة الى الاستقلال المالي.

ولكي لاتقع عزيزي القارئ اسيرا لإحدى تلك العادات السلبية، وتتمكن من اكتشافها ومن ثم العمل على استبدالها بعادة ايجابية، فلابد اولا، ان تعلم وتدرك ادراكاً تاماً ان هذا الامر يقتضي منك وقبل كل شيئ الجهد والعناء والمثابرة والاصرار بالاضافة الى المداومة. ثانيا، محاولة اكتشاف عاداتك السلبية والتي عادة ما تكون صفات غير مألوفة او طباع غريبة تعمل على عرقلتك وكبح جماح طموحك وتشتيت تركيزك وبعثرة اهدافك. 
ويكون ذالك من خلال إعداد قائمة تحتوي على عاداتك وممارساتك التي تقوم بها ومن ثم قياس مدى ملائمتها وفاعليتها مع اهدافك المرسومة وتطلعاتك المستقبلية.لابد ان تخصص ساعات من يوم يكون في نهاية كل شهر او ستة اشهر لمراجعة تلك العادات التي تقوم بها ومدى فاعليتها. ثم القيام بإستبدال تلك العادات قليلة الجدوى بعادات اخرى اكثر ايجابية واكثر فاعلية.

وبعد هذا، تخيل معي عزيزي القارئ لو انك تمكنت من تطبيق هذه المعادلة والمرتبطة بحياتك، وقمت بإكتساب وتبني ثلاث عادات ايجابية فقط كل عام، فهذا يعني انك وخلال خمسة اعوام فقط قد إمتلكت خمسة عشر عادة إيجابية جديدة نافعة. وبكل تأكيد هذه العادات الجديدة ستكون كفيلة بعد توفيق الله بأن تفتح امامك انواع من الفرص الجديدة والمفاجئات السارة.

د. فهد الفيفي  

شارك هذه الصفحة وتابعنا على صفحاتنا الرسمية
شارك الموضوع →
تابعنا →
إنشر الموضوع →

3 التعليقات:

  1. قرأت مقالك وفي الحقيقة مقالك اكثر من رائع وجميل وهذا ليس تزكية مني فانت في غنى عني وعن تزكياتي ، لذا نقدّر جهودك المضنية، فأنتَ أهل للشّكر والتّقدير، فلك منّا كلّ الثناء والتّقدير.

    ردحذف
  2. مقال وجهد مثابر واسلوب تبسيط جميل للاسف حياتي كلها سلبيات لا ادري من اين ابدا الا المحوله وتخطي كل التحديات اصل الحياه في مجملها يقول جل حلال انا خلفنا الانسان في كبد ومكابد تحويل ذاتك انسان ذو هدف نبيل يتطلب ورشه اصلاح ذاتي يتبلور في عزيمه لا يهزها ريختر بس الجبن في اتخذ الخطوات حجر عثر في مستقبل مممممشرق وجميل بعيد عن زيف احلاممم اليقظه ودمت في اناره الطريق نبراس احيك على جهدك الوريف بعبق الورد

    ردحذف
  3. مقال رائع وجميل يحكي واقع مؤسف للكثير منا اسأل الله أن ينفع بما قدمت وأن يكون في ميزان حسناتك

    ردحذف

افلام اون لاين