الجمعة، 19 أغسطس 2016

إعترافات صديق!



التقيت ليلة البارحة بأحد الاصدقاء الذي لم التقي به منذ ما يزيد عن 16 عاما. كان اللقاء جميلا وقصيرا ذكر لي بانه يعشق السفر حول العالم ولكنه لم يخض غمار تلك التجربة، وانه مولع بمشاهدة مباريات كرة القدم ولكنه لا يمارس الرياضة، وأنه يحب صيد السمك ولكنه لا يعلم كيف يصيد السمكة، وانه يرغب في التخييم في الجبال الخضراء وتسلقها و السير في سهولها الجميلة ولكنه لم تتح له الفرصة للقيام بذلك بعد، وايضا ذكر لي بانه يحب قراءة كتب الفلسفة والخيال العلمي ولكنه لم يقراء مؤلفاتها....بالاضافة الى العديد من الاشياء الجميلة الاخرى.

تلك العبارات المتناقضة التي ذكرها صديقي دفعتني الى محولة حل تلك الألغاز والتطفل عليه بسوالي له: ومالذي يمنعك من القيام بكل ما ذكرت؟

كان لومه وعتبه على عادة (التسويف) والتأجيل والتي بدورها دفعته الى التنازل عن تحقيق كثير من تلك الأمنيات والرغبات والاهداف. تأملت كلام صديقي فوجدته منطقيا حيث ان افة التسويف تعصف بكل ما نحب ونريد تحقيقه في هذه الحياة من خلال تأخيرها الى وقت اخر يصعب علينا تحقيقها والقيام بها مما يدفعنا الى التخلي عنها وعن جزء كبير من سعادتنا وهو بدوره يولد لدينا شعور بالإحباط والقلق والانهزام والانكسار والتشائم وكثرة التذمر والغضب.

وفي دراسة قامت بها جامعة دلوير في عام 2013 والتي اشير اليها في أحدى مقالات الكاتب براندون قيلي أشارت الى ان نسبة التأجيل والتسويف بين سكان الكرة الارضية ارتفع في الفترة ما بين 1978 و 2013 من 5% إلى 26% وهذا يعني ان ما يزيد عن ربع البشر يعانون من عادة التسويف، وبحسبة اخرى فإن 1 من كل 5 افراد يخسرون فرص سانحة لتحقيق رغباتهم واهدافهم سواء اكانت وظيفية او مالية او اجتماعية. بالاضافة الى ان الدراسة اشارت الى أن 95% من جيل الشباب في المرحلة العمرية ما بين 17 و 25 عام يعانون ايضا من عادة التسويف والتأجيل لاهدافهم الرئيسية ورغباتهم. هذه النسبة المخيفة بين شبابنا تؤثر سلبا على بقية عاداتهم الاخرى التي يتم ممارستها في تلك المرحلة العمرية والتي بدورها تؤثر على كامل مسار حياتهم وسعادتهم.

اشياء كثيرة نحبها ونرغب في القيام بها نؤجلها سنة بعد سنة حتى نموت قبل القيام بها. وفي احيان كثيرة نستخدم عادة التسويف حتى نتمكن من التحايل على انفسنا باننا سنقوم بها في وقت لاحق يكون اكثر ملائمة لاننا مشغولون او متشاغلون. بينما الحقيقة المرة هي اننا نهدر قدرا كبير من أوقاتنا بعلمنا أو بغير علمنا في عادات واعمال وسلوكيات جانبية ليست عاملا رئيسيا في سعادتنا بينما نأجل ونسوف تلك الاعمال والرغبات الهامة والتي بدورها تكون اكثر تأثيرا في حياتنا وسعادتنا.

ولن تستطيع عزيزي القارئ التخلص من عادة التسويف حتى تدرك قيمة الوقت واهميته، وتعلم ان عمرك كذرات الذهب تتساقط منك يوميا، وقد تحدثت عن الوقت واهميته في مقال سابق بعنوان (عمرك في يومك) ابحث عنه في محرك البحث قوقل.

د. فهد الفيفي

الثلاثاء، 2 أغسطس 2016

90% من مستقبلك تحددها عاداتك!



اذكر انني كنت عند عودتي من عملي في مساء كل يوم اقوم بإلقاء مفتاح سيارتي على اقرب نقطة تقع عليها عيناي وذالك عند دخولي للمنزل. وفي صباح كل يوم تبداء رحلة البحث والتحري، واتحول من موظف متخصص في إدارة المشاريع الى مفتش محترف ومأمور تحري يتنقل بين وسادات الكنب الى اسفل دولايب المطبخ وفي زوايا المنزل بحثا عن تلك المفاتيح اللعينة. 

وهذا بدوره يترتب علية تأخر عن العمل بشكل شبه يومي ناهيك عن المشاكل الصحية من توتر عصبي وشحن ذهني سلبي في صباح كل يوم. استمرت هذه العادة السيئة لفترة طويلة إمتدت الى عدة أشهر بل أستطيع القول انها سنوات. حتى عقدت العزم على ان استبدل تلك العادة السيئة بعادة حسنة و اكثر ايجابية وفاعلية، وذالك من خلال تغيير بسيط وطفيف في روتيني اليومي. حيث قمت بتثبيت خطافات (مسامير) عند مدخل المنزل وبعد باب الدخول مباشرة، وذالك لكي اقوم بوضع المفتاح على أحدى تلك الخطافات حال دخولي فيكون هو المكان الأمن والدائم والثابت لمفاتيح السيارة وبقية المفاتيح الاخرى القابلة للضياع. 

لم يكن إستبدال تلك العادة السيئة بعادة حسنة او ايجابية بالامر الهين والسهل، حيث انه ثبت علميا ان العقل البشري يقوم بإستقبال الأفكار المختلفة في فترات عمرية مختلفة ومن ثم تكرارها حتى تصبح عادة مترسخة وثابته يصعب التخلص منها واستبدالها.  
وهذا تماما ما حدث لي، حيث ان الفترة التي استغرقتها للتخلص من تلك العادة السلبية استمر لما يقارب الشهر، حتى تمكنت اخيرامن وضع المفتاح في مكانه المخصص بعد ان كنت اتجاهله بشكل لا إرادي في الاسابيع الاولى.  

إذا حياتنا وما تحتوية من سلوكيات بأكملها تعتمد وترتكز على نوعية العادات التي نقوم بتبنيها و ممارستها في مراحل عمرية مختلفة. وهذا ما اشارت له كثير من الدراسات التي قام بها عدد من علماء النفس ومنهم العالم والكاتب جاك كانفيلد و مارك فيكتور حيث ذكرا أن ما يقارب الـ 90% من سلوكياتنا الإيجابية والسلبية و التي نقوم بها بشكل روتيني ويومي تعتمد وترتكز بشكل كبير على العادات التي نتبنها في حياتنا. 

إذا دعنا نتفق عزيزي القارئ ان عاداتك التي تمارسها بشكل يومي او دائم هي التي ستحدد نوع الحياة والمستقبل الذي ستعيشه بغض النظر ان كانت تلك العادات عادات ايجابية ام سلبية. اليس كذالك؟
وقبل البداء في الحديث عن كيف نصبح أسرا لإحدى تلك العادات السلبية؟ وكيف يمكننا التخلص منها واستبدالها بعادات حسنة وايجابية؟ دعني اخبرك بقاعدة ذهبية ظهرت مؤخرا في علم النفس الحديث وكتب ومؤلفات الاشخاص الناجحين والتي تشير إلى ان الثراء الحقيقي (معرفة معنى السعادة) لم يعد قائما فقط على ان تكون مستقلا ماليا فقط كما كان شائعا في السابق، بل اصبح في وقتنا الحالي مقرونا بتبني عادات ايجابية مرتبطة بتكوين علاقات طيبة ونقية وصادقة مع الأخرين، بالاضافة الى تبني عادات غذائية ورياضية تتعلق بصحتك، وايضا تبني عادات ذكية ومرنه تمكنك من إحداث توازن فيما بين حياتك المهنية وحياتك الاسرية او الشخصية.

وايضا قبل الحديث عن العادات السلبية، دعني اخبرك بأن هناك صنفان من البشر، صنف من البشر لديهم عادات سلبية ويدركون انها سلبية ولكن يعمل على تجاهلها بمحض إرادته، وهناك الصنف الاخر الذي يقوم بتكرار عادات معينه غير مدرك انها عادات سلبية خاطئة قد تكون سببا في تعاستهي لفترة مؤقته او ربما مدى الحياة. وقد اشار عالم النفس لس هيوت ان كثير من العادات السلبية والضارة لاتظهر نتائجها السيئة و تتكشف حقيقتها السلبية إلا في مراحل متأخرة من حياة إولائك الاشخاص. ومنها على سبيل المثال: العادات الغذائية والرياضية السليمة بالاضافة الى الاستقلال المالي.

ولكي لاتقع عزيزي القارئ اسيرا لإحدى تلك العادات السلبية، وتتمكن من اكتشافها ومن ثم العمل على استبدالها بعادة ايجابية، فلابد اولا، ان تعلم وتدرك ادراكاً تاماً ان هذا الامر يقتضي منك وقبل كل شيئ الجهد والعناء والمثابرة والاصرار بالاضافة الى المداومة. ثانيا، محاولة اكتشاف عاداتك السلبية والتي عادة ما تكون صفات غير مألوفة او طباع غريبة تعمل على عرقلتك وكبح جماح طموحك وتشتيت تركيزك وبعثرة اهدافك. 
ويكون ذالك من خلال إعداد قائمة تحتوي على عاداتك وممارساتك التي تقوم بها ومن ثم قياس مدى ملائمتها وفاعليتها مع اهدافك المرسومة وتطلعاتك المستقبلية.لابد ان تخصص ساعات من يوم يكون في نهاية كل شهر او ستة اشهر لمراجعة تلك العادات التي تقوم بها ومدى فاعليتها. ثم القيام بإستبدال تلك العادات قليلة الجدوى بعادات اخرى اكثر ايجابية واكثر فاعلية.

وبعد هذا، تخيل معي عزيزي القارئ لو انك تمكنت من تطبيق هذه المعادلة والمرتبطة بحياتك، وقمت بإكتساب وتبني ثلاث عادات ايجابية فقط كل عام، فهذا يعني انك وخلال خمسة اعوام فقط قد إمتلكت خمسة عشر عادة إيجابية جديدة نافعة. وبكل تأكيد هذه العادات الجديدة ستكون كفيلة بعد توفيق الله بأن تفتح امامك انواع من الفرص الجديدة والمفاجئات السارة.

د. فهد الفيفي  

افلام اون لاين