كل فردا منا له طريقتة المختلفة لسبر اغوار الحياة، وتفسيرة الخاص لمفهوم النجاح. ومن هذا المنطلق فلابد ان يكون محصلة الاختلاف في التفسير والطريقة في الأداء يقودنا الى الى التنوع. ومن هذا المنطلق نشاهد كثير من الشباب والشابات له اسلوبه المميز وطريقتة الخاصة في الوصول إلى الخير وفعله. كثير من الاصحاب والاحباب من حولي وجد وأدرك ان السبيل الامثل والافيد لإسعاد نفسه هو من خلال رسم الابتسامة والسعادة على وجوه الأخرين. هؤلاء الشباب الرائع أدرك ان العمل التطوعي بما يحتويه من فعلا للخير ونشر للرحمة والمودة هو تأصيل لمعاني ديننا الحنيف الذي اكد وحث على مكارم الاخلاق وحب الخير للغير والبذل والعطاء.
هؤلاء الصنف من الشباب أحاط بما لم يحط به كثير من الخلق، هؤلاء الشباب هم من يسير على خطا ومنهاج الأخيار والعظماء من الانبياء و الصالحين الذين نذرو انفسهم و اوقاتهم لخدمة الغير بدون مقابل، فالمقابل الحقيقي هو عند الله الكريم العليم.
عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد - يعني مسجد المدينة - شهراً...الخ.
في أحدى مقالتي السابقة ذكرت الاخطاء الستة القاتلة للعمل التطوعي.
أما في هذا المقال فسأقوم بذكر المزايا الستة للعمل التطوعي والتي هي نتاج تجارب وخبرات وقراءة على مدار إحدى عشر عاما قضيتها متنقلا بين ومع جيل الشباب التطوعي ، وهي كالتالي:
الميزة الاولى: إكتساب مهارات القيادة
ما يميز القائد على مختلف الازمان والعصور واختلاف الضروف والاحدث هو التضحية، واتخاذ القرارات الحاسمة و الحساسة، والتنظيم الدقيق للوقت والمال و الجهد ، بالاضافة الى النظرة الثاقبة والمتفائلة للمستقبل والتي تكون متزامنه مع التخطيط الدائم للاحداث والافعال. ولن تجد افضل بيئة لتعلم هذه المهارات والقدرات من البيئة التطوعية. بيئة المنظمات التطوعية تكون في كثير من الاحياة بيئة متحررة مرنه اكثر من المنظمات الربحية او الحكومية والتي لا تخلو في كثير من الأحيان من الانظمة المحبطة والمثبطة والمقيدة للمبادرين و المبدعين من الشباب القيادي الطموح الذي يفكر خارج الصندوق.
الميزة الثانية: إكتساب خبرات عملية وتجارب إدارية
في الغالب فإن الطالب يصب مجمل تركيزة على تحصيلة العلمي متنقلا بين القاعات و المناهج الدراسية، في حين ان الجانب المجتمعي والخدمي يكون هامشي او مهمل طيلة المرحلة الدراسية للطالب، ومن هنا تأتي اهمية انخراط الطالب في الاعمال التطوعية والتي تكسبة خبرات عملية وعلمية لن تتاح له او لها من خلال القاعات والمناهج الدراسية. من اهم الخصال التي يكتسبها المتطوع خصلة البذل ومعانية والاحسان ومقاصده وحب الخير واثره وطمئنينة النفس وحلاوتها، ونبل الطباع واهميتها، وشهامة الرجال في المواقف والملمات، فكما قيل (الحياة مدرسة ومناهجها التجارب).
الميزة الثالثة: بناء علاقات شخصية جديدة
العمل في المجتمع التطوعي يكسبك مصاحبة الاخيار من اهل البذل والعطاء والاحسان بلا مقابل، فهم اهل الهمم واهل الخلق والعلم. فما بني على المحبة الصافية والصحبة الصادقة بدون تكلف او مقابل فسيكون نتاجه بأن غنمت كنوز دنيا، فكما قيل ويقال بأن معرفة الرجال كنوز، وخيرا من التجارة مغانمها. واستشهد هنا بقول الحبيب علية الصلاة والسلام: ( إِنَّمَا مَثَلُ الجليس الصالحُ والجليسُ السوءِ كحامِلِ المسك، ونافخِ الكِيْرِ فحاملُ المسك: إِما أن يُحْذِيَكَ، وإِما أن تبتاع منه، وإِمَّا أن تجِدَ منه ريحا طيِّبة، ونافخُ الكير: إِما أن يَحرقَ ثِيَابَكَ، وإِما أن تجد منه ريحا خبيثَة ).
الميزة الرابعة: التعرف على عادات وثقافات مختلفة
المشاركة في الاعمال التطوعية يفتح أبواب الثقافات والمجتمعات الموصدة امام كثير من الباحثين والدارسين. من خلال العمل التوعوي تستطيع الوصول الى قلوب الجميع وبلا استثناء او تكلف مهما أختلفت جنسياتهم او معتقداتهم بأسرع الطرق وايسرها. فما يتم دراسته والتنقيب فيه عن الثقافات والمجتمعات في الجامعات والمعاهد تستطيع الوصول اليه وفهمه واكتشافه من خلال بضع أعمال تطوعية مع افراد تلك المجتماعات. سينتابك شعور من نوع مختلف عند الانتهاء من احد تلك الاعمال التوعويه، فهو عمل رائع يستحق التجربة.
الميزة الخامسة: تأصيل مفهوم مكارم الاخلاق
من اهم الصفات التي يمتاز بهما المشاركين في الاعمال التطوعية هو البذل والعطاء بدون مقابل. وكما ذكرت في المقدمة بان هذه الصفات هي من صفات وخصال العظماء والانبياء. فإن هذه الصفات والخصال قد جبل الانسان عليها منذ ولادته ولكن مالم يتم صقلها و تطويرها وتصفيتها من شوائب الدهر وافعال الزمان فستظل راكدة هامدة اوقد تنقرض وتضمحل. وهنا يأتي دور العمل التطوعي، فمن خلاله يكتشف الشاب او الشابة المشارك مدى تأثير ذلك الفعل على جانبه النفسي والانساني، والذي بدوره يفتح امامه وداخل عقله ابواب الحكمة ويتيح له مشاهدة العالم من النافذة الاكبر المطلة على شرفة الحياة الفسيحة، بالاضافة الى ترويض النفس والخروج بها من قوقعة الانا والانانية إلى حب الخير للجميع. وهذا تأكيد لحديث الحبيب علية الصلاة والسلام عندما قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
الميزة السادسة: الحصول على السعادة القلبية والصحة النفسية السليمة
يقول الحق - سبحانه -: {مَنْ عَمِلَ صَالِـحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:٧٩]. الصحة والتوازن النفسي مطلب اساسي للاستقرار الفكري والدراسي و الاجتماعي، ومن اهم فوائد ومزايا العمل التطوعي هو الاحساس بإشباع الجانب الديني والروحي والذي يعد امرا في غاية الاهمية. فعندما يدرك المتطوع بان ما يقوم به من بذل وعطاء وإحسان هوعمل تعبدي، "حيث انها عبادة متعدية، واجرها وفضلها خير من العبادة القاصرة" فهذا بدوره سيدفعه تلقائيا الى الاحساس بالطمئنينة النفسية الكبيرة والتي يكون لها مردود سحري على تعاملاته وعطائه وعلاقاته. ايضا من مزايات العمل التطوعي والمرتبطة بالصحة النفسية القدرة على ترويض النفس ومحاولة التحكم في انفعالتها.
حيث ان العمل التطوعي يدفعك الى الالتقاء بإناس غريبي الاطوار ومختلفي الطباع والثقافات، وهنا يأتي دور الحلم وقوة التحمل وفن إدارة المواقف. ايضا من ميزات العمل التطوعي بان يتم تفريغ الطاقة الحيوية سواء الايجابية او السلبية، حيث ان بقائها في الجسم يكون ضار بها مهلك لبنيتها الفكرية والبدنية.
هذه بعض المزايا التي احسست بها وإكتسبتها خلال مشاركاتي البسيطة في بعض الاعمال التطوعية (الخيرية) والتي وددت ان اشاركها مع نخبة الشباب، الذين يقع على عاتقهم حمل وهو تأصيل وتفعيل الدور الخيري والاعمال التطوعية في مجتمعنا. فجميعنا يأمل ويتمنى بأن يشاهد الخير ومحبي الخير ليس فقط في كل ركن من اركان بلدنا الخير المعطاء بل في ارجاء الكون الفسيح. يدا بيد لبناء مجتمع الابداع و العطاء والتميز.
د. فهد الفيفي
0 التعليقات:
إرسال تعليق