الجمعة، 9 سبتمبر 2016

فرحة العيد !



سألني أحد ابنائي هل سيكون العيد هذا العام بجمال تلك الأعياد التي قضيناها في بلاد العم سام؟ 
فأجبته وبدون تأمل وتفكير - بنعم سيكون افضل واجمل وابها، فسعادتنا ليست معلقة او متعقلة بمكان او زمان ولكن السعادة بمعناها الحقيقي هي في القلب وبين اضلع الفؤاد. هي  تلك التي نصنعها بأنفسنا، السعادة ياو ولدي لن تأتيك من الخارج بل لابد ان تكون نابعة من داخلك مترجمة من خلال اقوالك وافعالك

وبعد برهة، أمعنت التفكير في السؤال المطروح واخذ العقل  يستجدي الذكريات. هل حقا العيد في قريتي ومدينتي وبلادي يبعث على الفرح وينشر السعادة والبهجة في قلوب الصغار قبل الكبار، ام انه قد فقد ابسط مقومات الفرح؟

اذكر انني كنت في طفولتي عندما اسمع او استمع لـ (الله اكبر الله اكبر ...) يصدح بها للرحمن، او (يا ليله العيدأنيستينا) للراحلة العظيمة ام كلثوم او (ومن العايدين…) للفنان القدير محمد عبده او (كل عام وانتم بخير…) للموسيقار الراحل طلال مداح انتشي فرح وسرورا وبهجة بالعيدكان الفرح في كل زوايا البيت و الذراع و البقعة والسكة والجبل الاسفل والجبل الاعلى و المسجد والدكان و السيارة والطيارة ….بل في جنبات الكون بأكمله

كانت رائحة بارود الالعاب النارية (الشححيات) يبقى في انفي وفي ملابسي لمدة عشرة ايام بعد يوم العيد. اذكر اننا نصاب بعسر الهظم وتلبكات في المعدة ولمدة تزيد عن عشرة ايام نتيجة لذالك اليوم المشهود!

كانت البيوت مليئة بالحب والفرح تستقبلنا بالعود و البخور والحلويات والعيديات سواء أكنا فرادا او جماعات، بل ايضا ليست البيوت  فرحة مبتهجة فحسب، بل قلوب ساكني تلك البيوت كانت ممتلئة بسحر الحب، تكاد تضيئ وجوههم من جمال المبسم.

اما في هذا الزمان فقد اصبحنا نستجدى الفرح، نلهث خلف ظلال حروف الحب والسعادة نتلمسها في الوجوه والطرقات هنا وهناك. لم يعد للفرح طعم او لون او نكهة ….لقد اصبح العيد كلوحه غالية ولكنها باهته مريضة

كيف لا ولم يعد للعود والبخور رائحةوللفجر والالعاب والبارود مكانوللعرضة و الرقصات الشعبية والاهاجيج صدىكيف لا والناس نيام في يوم العيد. هل مات الفرح  فينا ام قتل !!

الجمعة، 19 أغسطس 2016

إعترافات صديق!



التقيت ليلة البارحة بأحد الاصدقاء الذي لم التقي به منذ ما يزيد عن 16 عاما. كان اللقاء جميلا وقصيرا ذكر لي بانه يعشق السفر حول العالم ولكنه لم يخض غمار تلك التجربة، وانه مولع بمشاهدة مباريات كرة القدم ولكنه لا يمارس الرياضة، وأنه يحب صيد السمك ولكنه لا يعلم كيف يصيد السمكة، وانه يرغب في التخييم في الجبال الخضراء وتسلقها و السير في سهولها الجميلة ولكنه لم تتح له الفرصة للقيام بذلك بعد، وايضا ذكر لي بانه يحب قراءة كتب الفلسفة والخيال العلمي ولكنه لم يقراء مؤلفاتها....بالاضافة الى العديد من الاشياء الجميلة الاخرى.

تلك العبارات المتناقضة التي ذكرها صديقي دفعتني الى محولة حل تلك الألغاز والتطفل عليه بسوالي له: ومالذي يمنعك من القيام بكل ما ذكرت؟

كان لومه وعتبه على عادة (التسويف) والتأجيل والتي بدورها دفعته الى التنازل عن تحقيق كثير من تلك الأمنيات والرغبات والاهداف. تأملت كلام صديقي فوجدته منطقيا حيث ان افة التسويف تعصف بكل ما نحب ونريد تحقيقه في هذه الحياة من خلال تأخيرها الى وقت اخر يصعب علينا تحقيقها والقيام بها مما يدفعنا الى التخلي عنها وعن جزء كبير من سعادتنا وهو بدوره يولد لدينا شعور بالإحباط والقلق والانهزام والانكسار والتشائم وكثرة التذمر والغضب.

وفي دراسة قامت بها جامعة دلوير في عام 2013 والتي اشير اليها في أحدى مقالات الكاتب براندون قيلي أشارت الى ان نسبة التأجيل والتسويف بين سكان الكرة الارضية ارتفع في الفترة ما بين 1978 و 2013 من 5% إلى 26% وهذا يعني ان ما يزيد عن ربع البشر يعانون من عادة التسويف، وبحسبة اخرى فإن 1 من كل 5 افراد يخسرون فرص سانحة لتحقيق رغباتهم واهدافهم سواء اكانت وظيفية او مالية او اجتماعية. بالاضافة الى ان الدراسة اشارت الى أن 95% من جيل الشباب في المرحلة العمرية ما بين 17 و 25 عام يعانون ايضا من عادة التسويف والتأجيل لاهدافهم الرئيسية ورغباتهم. هذه النسبة المخيفة بين شبابنا تؤثر سلبا على بقية عاداتهم الاخرى التي يتم ممارستها في تلك المرحلة العمرية والتي بدورها تؤثر على كامل مسار حياتهم وسعادتهم.

اشياء كثيرة نحبها ونرغب في القيام بها نؤجلها سنة بعد سنة حتى نموت قبل القيام بها. وفي احيان كثيرة نستخدم عادة التسويف حتى نتمكن من التحايل على انفسنا باننا سنقوم بها في وقت لاحق يكون اكثر ملائمة لاننا مشغولون او متشاغلون. بينما الحقيقة المرة هي اننا نهدر قدرا كبير من أوقاتنا بعلمنا أو بغير علمنا في عادات واعمال وسلوكيات جانبية ليست عاملا رئيسيا في سعادتنا بينما نأجل ونسوف تلك الاعمال والرغبات الهامة والتي بدورها تكون اكثر تأثيرا في حياتنا وسعادتنا.

ولن تستطيع عزيزي القارئ التخلص من عادة التسويف حتى تدرك قيمة الوقت واهميته، وتعلم ان عمرك كذرات الذهب تتساقط منك يوميا، وقد تحدثت عن الوقت واهميته في مقال سابق بعنوان (عمرك في يومك) ابحث عنه في محرك البحث قوقل.

د. فهد الفيفي

الثلاثاء، 2 أغسطس 2016

90% من مستقبلك تحددها عاداتك!



اذكر انني كنت عند عودتي من عملي في مساء كل يوم اقوم بإلقاء مفتاح سيارتي على اقرب نقطة تقع عليها عيناي وذالك عند دخولي للمنزل. وفي صباح كل يوم تبداء رحلة البحث والتحري، واتحول من موظف متخصص في إدارة المشاريع الى مفتش محترف ومأمور تحري يتنقل بين وسادات الكنب الى اسفل دولايب المطبخ وفي زوايا المنزل بحثا عن تلك المفاتيح اللعينة. 

وهذا بدوره يترتب علية تأخر عن العمل بشكل شبه يومي ناهيك عن المشاكل الصحية من توتر عصبي وشحن ذهني سلبي في صباح كل يوم. استمرت هذه العادة السيئة لفترة طويلة إمتدت الى عدة أشهر بل أستطيع القول انها سنوات. حتى عقدت العزم على ان استبدل تلك العادة السيئة بعادة حسنة و اكثر ايجابية وفاعلية، وذالك من خلال تغيير بسيط وطفيف في روتيني اليومي. حيث قمت بتثبيت خطافات (مسامير) عند مدخل المنزل وبعد باب الدخول مباشرة، وذالك لكي اقوم بوضع المفتاح على أحدى تلك الخطافات حال دخولي فيكون هو المكان الأمن والدائم والثابت لمفاتيح السيارة وبقية المفاتيح الاخرى القابلة للضياع. 

لم يكن إستبدال تلك العادة السيئة بعادة حسنة او ايجابية بالامر الهين والسهل، حيث انه ثبت علميا ان العقل البشري يقوم بإستقبال الأفكار المختلفة في فترات عمرية مختلفة ومن ثم تكرارها حتى تصبح عادة مترسخة وثابته يصعب التخلص منها واستبدالها.  
وهذا تماما ما حدث لي، حيث ان الفترة التي استغرقتها للتخلص من تلك العادة السلبية استمر لما يقارب الشهر، حتى تمكنت اخيرامن وضع المفتاح في مكانه المخصص بعد ان كنت اتجاهله بشكل لا إرادي في الاسابيع الاولى.  

إذا حياتنا وما تحتوية من سلوكيات بأكملها تعتمد وترتكز على نوعية العادات التي نقوم بتبنيها و ممارستها في مراحل عمرية مختلفة. وهذا ما اشارت له كثير من الدراسات التي قام بها عدد من علماء النفس ومنهم العالم والكاتب جاك كانفيلد و مارك فيكتور حيث ذكرا أن ما يقارب الـ 90% من سلوكياتنا الإيجابية والسلبية و التي نقوم بها بشكل روتيني ويومي تعتمد وترتكز بشكل كبير على العادات التي نتبنها في حياتنا. 

إذا دعنا نتفق عزيزي القارئ ان عاداتك التي تمارسها بشكل يومي او دائم هي التي ستحدد نوع الحياة والمستقبل الذي ستعيشه بغض النظر ان كانت تلك العادات عادات ايجابية ام سلبية. اليس كذالك؟
وقبل البداء في الحديث عن كيف نصبح أسرا لإحدى تلك العادات السلبية؟ وكيف يمكننا التخلص منها واستبدالها بعادات حسنة وايجابية؟ دعني اخبرك بقاعدة ذهبية ظهرت مؤخرا في علم النفس الحديث وكتب ومؤلفات الاشخاص الناجحين والتي تشير إلى ان الثراء الحقيقي (معرفة معنى السعادة) لم يعد قائما فقط على ان تكون مستقلا ماليا فقط كما كان شائعا في السابق، بل اصبح في وقتنا الحالي مقرونا بتبني عادات ايجابية مرتبطة بتكوين علاقات طيبة ونقية وصادقة مع الأخرين، بالاضافة الى تبني عادات غذائية ورياضية تتعلق بصحتك، وايضا تبني عادات ذكية ومرنه تمكنك من إحداث توازن فيما بين حياتك المهنية وحياتك الاسرية او الشخصية.

وايضا قبل الحديث عن العادات السلبية، دعني اخبرك بأن هناك صنفان من البشر، صنف من البشر لديهم عادات سلبية ويدركون انها سلبية ولكن يعمل على تجاهلها بمحض إرادته، وهناك الصنف الاخر الذي يقوم بتكرار عادات معينه غير مدرك انها عادات سلبية خاطئة قد تكون سببا في تعاستهي لفترة مؤقته او ربما مدى الحياة. وقد اشار عالم النفس لس هيوت ان كثير من العادات السلبية والضارة لاتظهر نتائجها السيئة و تتكشف حقيقتها السلبية إلا في مراحل متأخرة من حياة إولائك الاشخاص. ومنها على سبيل المثال: العادات الغذائية والرياضية السليمة بالاضافة الى الاستقلال المالي.

ولكي لاتقع عزيزي القارئ اسيرا لإحدى تلك العادات السلبية، وتتمكن من اكتشافها ومن ثم العمل على استبدالها بعادة ايجابية، فلابد اولا، ان تعلم وتدرك ادراكاً تاماً ان هذا الامر يقتضي منك وقبل كل شيئ الجهد والعناء والمثابرة والاصرار بالاضافة الى المداومة. ثانيا، محاولة اكتشاف عاداتك السلبية والتي عادة ما تكون صفات غير مألوفة او طباع غريبة تعمل على عرقلتك وكبح جماح طموحك وتشتيت تركيزك وبعثرة اهدافك. 
ويكون ذالك من خلال إعداد قائمة تحتوي على عاداتك وممارساتك التي تقوم بها ومن ثم قياس مدى ملائمتها وفاعليتها مع اهدافك المرسومة وتطلعاتك المستقبلية.لابد ان تخصص ساعات من يوم يكون في نهاية كل شهر او ستة اشهر لمراجعة تلك العادات التي تقوم بها ومدى فاعليتها. ثم القيام بإستبدال تلك العادات قليلة الجدوى بعادات اخرى اكثر ايجابية واكثر فاعلية.

وبعد هذا، تخيل معي عزيزي القارئ لو انك تمكنت من تطبيق هذه المعادلة والمرتبطة بحياتك، وقمت بإكتساب وتبني ثلاث عادات ايجابية فقط كل عام، فهذا يعني انك وخلال خمسة اعوام فقط قد إمتلكت خمسة عشر عادة إيجابية جديدة نافعة. وبكل تأكيد هذه العادات الجديدة ستكون كفيلة بعد توفيق الله بأن تفتح امامك انواع من الفرص الجديدة والمفاجئات السارة.

د. فهد الفيفي  

الاثنين، 13 يونيو 2016

لماذا لا تتحقق اهدافي؟





اجرى التلفزيون الأرجنتيني عام ١٩٧٠م لقاء مع فتى لم يبلغ العاشرة من عمره، كان ذلك الفتى يملك مهارات مميزة وعالية في لعب كرة القدم،  كان يدعى دييغو مارادونا. سأله المذيع ماذا تتمنى؟ فاجاب الصبي إبن العشرة اعوام بذكر اهدافه الواضحة وبتركيز عالي:
  • اريد ان العب مع منتخب الأرجنتين.
  • اريد ان احقق معهم كأس العالم.
  • ايد أن أكون أحسن لاعب في العالم.


وبعد ١٦ عام وبالتحديد عام ١٩٨٦م فاز منتخب الارجنتين بكأس العالم بقيادة الاسطورة ماردونا.


اوساهيرو الياباني يترك برنامج الدكتوراة في الهندسة الميكانيكية في جامعة المانية ليلتحق بمصنع لصهر الحديد والنحاس والالمنيوم ويصبح عامل يلبس البدلة الزرقاء ويقضي في هذه المهنة ثماني سنوات ويعمل من ١٠ الى ١٥ ساعة يوميا، وذلك لكي يتقن صناعة قطع محرك السيارات بنفسة. وبعد تلك الثمانية اعوام يستمر اساهيرو لتحقيق هدفه الواضحة وبتركيز كبير حيث يستكمل مشواره بمجهودات شاقة ومتواصلة امتدت الى ٩ سنوات من خلال مصنعة الذي انشاءه لصناعة محركات السيارات وفي النهاية يتمكن من إنشاء مصنع محركات كامل في اليابان كأول محرك سيارات يصنع بالكامل في اليابان.


فاز اندريه اجاسي في بطولة ويمبلدون الدولية للتنس الارضي عام ١٩٩٢، فهنئة الصحفيون بفوزة لاول مره باللقب، فقال لهم مستنكرا، لم تكن هذه المرة الاولى التي افوز فيها ببطولة ويمبلدون، فقد فزت بها الاف المرات من قبل، منذ ان كان عمري ١٠ سنوات، حيث انني لا انام في كل ليلة حتى اتخيل انني اقف في هذا المكان وارفع هذا الكأس، لقد رئيت وتخيلت فوزي الاف المرات!!


في إحدى القرى المتواضعة وإبن الأرملة الفقيرة قال طفل لم يتجاوز العاشرة ايضا ويدعى بيل كلينتون لمعلمته، بأنه يريد ان يصبح رئيسا لأعظم قوة على الارض. ضحك من كلامه المعلمة والاقارب وحتى بعض من افراد عائلته، قالو له دعك من احلام اليقضة وكن واقعيا، ولكنه على ما يبدو تجرا على الواقع وكسر حاجزه وجداره!!


ما اود ايضاحه من خلال ما تم ذكره من قصص بعض الناجحين هو انه كان لزاما علينا المبالغة في والحرص على تحديد اهدافنا في مراحل متقدمه من العمر وقبل فوات الاوان. ولن يكون كافيا بأن يتم تحديد الأهداف فقط بل يجب ان تكون مقترنه بعامل التركيز والذي يعد الاداة السحرية لتحقيق اهدافك. عامل التركيز يساعدك على ترتيب اهدافك بطريقة يسهل عليك تحقيقها والوصول اليها.


ولو سئلنا الفاشلين والمماطلين والمسوفين عن اهدافهم وهل يملكون فعلا اهداف في هذه الحياة...فستجد وبكل تأكيد ان لديهم اهداف... ولكنها اهداف هلامية مطاطية تكون اقرب الى الامنيات والاحلام منها الى الحقائق وذلك بسب إنعدام عامل التركيز لدى هذه النوعية من البشر، ومن امثلة تلك الاهداف الهلامية والمطاطية والغير قابلة للقياس كالسعادة والثراء والشهرة. ومن علامات ضياع التركيز في ترتيب الاهداف وتحقيقها بأن يكون لديك شعور بالضياع وتراكم المهام عليك مع مرور الايام و بدون تحقيق شيئ يذكر، وهذا بدورة يزيد من مشقة الوصول الى الطريق الصحيح والتركيز الفعال لتحقيق اهدافك إن وجدت.  


إذا، كيف استطيع التعرف على اهدافي وبتركيز عالي يمكنني من معرفه الاهم فالاهم ومن ثم العمل على تحقيقها؟


سيكون لك ذلك من خلال تبني رؤية واضحة لا لبس فيها ولا غموض، تعيش معك كأنفاسك، يقل لها نومك، ويكثر معها سهرك، وتزهد لأجلها في مأكلك ومشربك. رؤية قابله للقياس والتطبيق...على سبيل المثال: ما مقدار المال الذي سوف احققه خلال ٥ اعوام؟ ما المنصب الذي اسعى إليه؟
وقبل هذا كله لابد ان تؤمن ايمانا كاملا بانك لن تسطيع تحقيق اهدافك مالم تتمرد على واقعك، فكن غير واقعيا في تفكيرك وطموحك، فالعظماء والناجحين والمبدعين كانوا لا يفكرون بالطريقة التي يفكر بها الناس العاديون!!


يقول ستيفن كوفي في كتابه إدارة الأولويات:
"إن الواقع اثبت أن الأفراد والمنظمات التي تضع اهدافا واضحة للوصول اليها تحقق نتائج افضل، وأن الواقع يثبت ايضا أن القادرين على وضع الأهداف والقادرين على الوصول إليها يحققون ما يحلمون بالوصول إليه".


وانا اقول:
اكتب ستة الى سبعة أهداف ترغب في تحقيقها في كل عام، أكتبها في ورقة صغيره وإجعلها في جيبك، وفوق مكتبك وعلى ثلاجة مطبخك...إن انقضى العام وتم تحقيق نصفها فانت رائع وفي الطريق الصحيح ...وستجد نفسك تقدمت ليس بخطوات ولكن بأشواط عن من هم حولك !!

د. فهد الفيفي



الاثنين، 30 مايو 2016

أي العقول تملك !!





من منكم قراء رحلات جوليفر التي كتبها جوناثان سويفت أعظم مؤلف ساخر إنجليزي وذلك بين عامي ١٦٩٩م وعام ١٧١٥م. حيث قسم روايته الى اربعة اجزء رئيسية والتي تحدث فيها عن شخصية وهمية تدعى جوليفر وهو طبيب إنجليزي بارد الإعصاب ونادرا ما يبدى اي أنطباع شخصي او استجابة عاطفية عميقة.


ذكر المؤلف ان جوليفر قام برحلة بحرية حول العالم، وخلال رحلتة تعرض لعاصفة تسببت بأن القت به في بلاد يسكنها ويحكمها الأقزام، حيث انهم قامو بربطه بالحبال وسحبه الى قصر الملك وذلك لانه غريب الشكل والمظهر فه طويل ومختلف عنهم، ثم هرب و انتقل من بلاد الأقزام الى بلاد العمالقة والذين بدورهم لم يرحبو به لانه قصير ولا يشبههم، فقرر تركهم والابحار مجدد، وهذه المرة القت به الامواج في ارض المثقفين، فوجدهم أناس في ضياع فكري و غيبوبة عقلية، حيث انه وجدهم اصحاب مشاريع وافكار ولكن جميعها وهمية وغير قابلة للتطبيق، فلم يستطع إحتمال ذلك فقرر الانتقال الى بلاد السحر والسحرة، فوجده عالم عجيب التقا فيه بكل عظماء التاريخ الذين اكدوا له أن التاريخ كله كذب في كذب، وان المؤرخ يكتب و وراءه مدفع الحاكم القوي، فالتاريخ يكتب لصالح الرجل القوي دائما...بعد ذلك القت به السفينة مرة اخرى في ارض بها أناس في غاية الغباء، هؤلاء الناس تحكمهم خيول في غاية الذكاء ...وقد احتاروا في أمر جيلفر!! هل يعتبرونه إنسان اي غبيا مع انه ذكي، ام هل يعتبرونه حصانا ذكيا مع انه ليس حصان .... واخيرا ومن باب سد الذرائع فقد قررو طرده من ارضهم لان له جسم إنسان وذكاء حصان!!


وبعد ثلاث سنوات من رحلته المثيرة ادرك ان كل شيئ في هذه الحياة نسبي فانت طويل في بلاد الأقزام ...وقزم في بلاد العمالقة، وغبي في بلاد الخيول، وكذاب في العالم الأخر ...


ولكن ذلك الإدراك النسبي لما يدور حولنا والذي تحدث عنه جوناثان سويفت في روايته مرهون بمستوى العقل الذي تحمله داخل رأسك. حيث هناك مستوى إدراك بسيط، ومستوى إدراك متوسط، ومستوى ادراك عالي. وبكل تأكيد انك عندما تتأمل منهم حولك ستجد انك تتعامل مع تلك الاصناف الثلاثة من العقول البشرية كل يوم سواء في العمل، أو الشارع، او وسائل التواصل الإجتماعية.
وسيظهر ذلك بوضوح عند فتح باب النقاش والحوار حول موضوع بعينه. حيث انك ستجد ان اصحاب المستويات الثلاثة من العقول ستختلف طرق تعاطيها و تفسيراتها حول الموضوع الواحد.


ودعني وبإختصار اشرح هذه المستويات الثلاثة مع التمثيل وذلك حتى تستيطع ان تحدد ايها القارئ العزيز مستوى عقلك من بين هذه المستويات الثلاثة. ولنبداء بمستوى الإدراك العالي، وصاحب هذا العقل تجده يعيش في عالم الافكار المحاطة بالقيم والمبادئ والآراء والعقيدة والفلسفة والتأمل العميق والنقد المجرد والمراجعة والتجربة. صاحب هذا العقل لديه قدرة ليس فقط على التحليل والتنظير بل والقدرة على الاستنتاج المحايد. صاحب هذا العقل وفي كثير من الاوقات لا يعترف بالمنطق والمألوف، ويحتكم فقط لنتائج التجربة والخبرة.

المستوى الثاني من العقول، هو صاحب العقل متوسط الإدراك،  صاحب هذا العقل يعتمد على النقل والتوثيق دون تجربة، بالاضافة الى ان صحاب هذا العقل يعيش في عالم الاشياء اي الماديات ويبني عليها توجهاته و ارائه. وفي جميع نقاشاته وحواراته تجده يركز على الجزئيات ولا ينظر الى الكليات، فتجده يتناول الاحداث والنقاشات من زاوية واحدة من دون النظر او ملاحظة ان هناك احتمالات او حلول اخرى للمشلكة. هذه الانواع من العقول تكون خطيرة عندما تغلب على أذهان أي أمة.

المستوى الثالث من العقول هو صاحب العقل بسيط الإدراك او السطحي. صاحب هذا العقل لا يعتمد على التثبت او القياس والتجربة في حكمه على الامور، بل يعتمد في مصادرة على الشائعات والخرافات والتي يتعاطها ويتعامل معها كحقائق ومسلمات. في كثير من الاحيان صاحب العقل السطحي يستخدم العاطفة اكثر من المنطق في الحكم على الامور، وهذا بدوره يوقعه في إشكالات كثيرة. صاحب هذا المستوى من الإدراك يناقش الاشخاص ولا يناقش الافكار وهو أكثر خطورة من المستوى الثاني للإدراك حيث انه يلجئ في كثير من الاحيان وعند الاحساس بالهزيمة الى مهاجمة الاشخاص وإلى اقصاء الأفكار مستخدما في ذلك جميع الاسلحة الثقافية والفكرية والدينية واللغوية.


هذه هي الانواع الثلاثة للعقل البشري، والمطلوب منك الان هو تحديد مستواك الإدراكي والعقلي حتى تتمكنى من تطوير قدراتك والانتقال به الى مستويات افضل واعلى بإذن الله…


في المقال القادم بإن الله ساتطرق الى اهم المسببات و العوامل التي تقوم ببناء كل مستوى من المستويات الثلاثة السابقة الذكر. حيث ان كل مستوى من الإدراك هو نتيجة لعوامل اجتماعية وثقافية وبيئية محيطة بالشخص والتي ادت بدورها لتكوين ذلك المستوى الإدراكي والعقلي.

د. فهد الفيفي

الاثنين، 16 مايو 2016

الاخطاء الستة القاتلة للعمل التطوعي






خلال عملي ومعايشتي لتأسيس كثير من المنظمات التطوعية الطلابية في الولايات المتحدة الامريكية والتي امتدت الى إحدى عشر عاما، ومع مرور الايام والاحتكاك بالمتطوعين والمستفيدين من تلك الاعمال التطوعية، وبناء على الممارسة والتجربة، ظهر وثبت لي بأن العمل التطوعي يقوم بدور جوهري إيجابي في دفع عجلة التطوير والتنمية سواء الاجتماعي والثقافي والحضاري والاخلاقي والديني ليس فقط على مستوى الفرد المتطوع ولكن ايضا على مستوى المجتمع المستفيد من تلك الاعمال التطوعية.

وبناء على هذه التجربة الطويلة والتي كانت تجربة رائعة وحافلة بكثير من الاحداث والمغامرات والإنجازات فقد رئيت انه من الواجب علي مشاركة بعض الاخطاء الشائعة التي لمستها وعايشتها وكنت ولا زلت والتي اتمنى ان تنقرض وتختفي من البيئة التطوعية الطلابية وغيرها من البيئات التطوعية الاخرى. حيث انني قمت بتلخيصها على عجالة في النقاط التالية:

اولا: هناك عدد من القائمين على الأعمال التطوعية الطلابية اوغيرها لايدرك المعاني الجوهرية للعمل التطوعي والادوارالاجتماعية والثقافية والاكاديمية التي يجب معرفتها والتركيز على تعلمها وتعليمها. ويرجع ذلك لقل المعرفة برسالة العمل التطوعي والاهداف والادوار المراد تحقيقها، والتي في كثير من الاحيان تتسبب في فشل البرامج التطوعية ووئدها في مهدها.

ثانيا: ضعف الإلمام والفهم الكافي للوائح والانظمة الخاصة بالعمل التطوعي والذي ينتج عنه في كثير من الاحيان ارتكاب اخطاء فادحة داخل منظومة العمل التطوعي والتي تعود بمردود عكسي على المشاركين في العمل التطوعي وايضا المستفيدين من ذلك العمل.

ثالثا: عدم التحفيز والتقدير لفرق العمل المشاركة بما يتناسب مع مستوى العمل الخيري المنجز، وهذا العامل يعد من اهم الاسباب التي تقتل الحماس وتضعف الهمم لدى المتطوعين.

رابعا: عدم إتقان قائد العمل التطوعي لاساسيات القيادي الفعالة، وهذا قد يحدث فجوة كبيرة بين قائد الفريق و اعضاء الفرق التطوعية، وهذه من اشد العوامل خطورة حيث ان ذلك القائد او رئيس الفريق يحدث لديه في كثير من الاحيان خلط بين مفاهيم واهداف والوائح التنظيمية للعمل التطوعي والعمل الالزامي.

خامسا: إستئثار القائد بإتخاذ القرارات وعدم اشراك بقية اعضاء الفريق التطوعي في بناء تلك الاهداف المراد تحقيقها، وهذا الاجراء يسبب في كثير من الاوقات ضعف الحماس وعدم الاحساس بالانتماء الكامل لتلك الجهة التطوعية.

سادسا: عدم اتقان العمل المؤسسي والجماعي وطرق بناء فرق العمل والتي يفترض ان تكون مبنية على مبداء الفريق وليس الفرد، ونتائج هذا الخلل يظر بشكل كبيرعند إقدام القائمين والمشاركين في الاعمال التطوعية بالمحاباة في إسناد المهام التطوعية و شخصنه العمل التطوعي. وهذا وبكل تأكيد سيقود الى ماهو اسواء وهو محاولة تحقيق مصالح شخصية من قبل بعض الافراد المشاركين على حساب منظومة الفريق والعمل الجماعي، وهذا وبكل تأكيد يتنافا مع اساسيات العمل التطوعي الجماعي.

هذه اهم العوامل التي قد تؤثر سلبا على الاعمال التطوعية والتي وددت مشاركتها مع قادة المستقبل لعلها تكون نافعه.

د. فهد الفيفي


المزايا الستة للعمل التطوعي




كل فردا منا له طريقتة المختلفة لسبر اغوار الحياة، وتفسيرة الخاص لمفهوم النجاح. ومن هذا المنطلق فلابد ان يكون محصلة الاختلاف في التفسير والطريقة في الأداء يقودنا الى الى التنوع. ومن هذا المنطلق نشاهد كثير من الشباب والشابات له اسلوبه المميز وطريقتة الخاصة في الوصول إلى الخير وفعله. كثير من الاصحاب والاحباب من حولي وجد وأدرك ان السبيل الامثل والافيد لإسعاد نفسه هو من خلال رسم الابتسامة والسعادة على وجوه الأخرين. هؤلاء الشباب الرائع أدرك ان العمل التطوعي بما يحتويه من فعلا للخير ونشر للرحمة والمودة هو تأصيل لمعاني ديننا الحنيف الذي اكد وحث على مكارم الاخلاق وحب الخير للغير والبذل والعطاء.

هؤلاء الصنف من الشباب أحاط بما لم يحط به كثير من الخلق، هؤلاء الشباب هم من يسير على خطا ومنهاج الأخيار والعظماء من الانبياء و الصالحين الذين نذرو انفسهم و اوقاتهم لخدمة الغير بدون مقابل، فالمقابل الحقيقي هو عند الله الكريم العليم.

عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد - يعني مسجد المدينة - شهراً...الخ.
في أحدى مقالتي السابقة ذكرت الاخطاء الستة القاتلة للعمل التطوعي.

أما في هذا المقال فسأقوم بذكر المزايا الستة للعمل التطوعي والتي هي نتاج تجارب وخبرات وقراءة على مدار إحدى عشر عاما قضيتها متنقلا بين ومع جيل الشباب التطوعي ، وهي كالتالي:

الميزة الاولى: إكتساب مهارات القيادة
ما يميز القائد على مختلف الازمان والعصور واختلاف الضروف والاحدث هو التضحية، واتخاذ القرارات الحاسمة و الحساسة، والتنظيم الدقيق للوقت والمال و الجهد ، بالاضافة الى النظرة الثاقبة والمتفائلة للمستقبل والتي تكون متزامنه مع التخطيط الدائم للاحداث والافعال. ولن تجد افضل بيئة لتعلم هذه المهارات والقدرات من البيئة التطوعية. بيئة المنظمات التطوعية تكون في كثير من الاحياة بيئة متحررة مرنه اكثر من المنظمات الربحية او الحكومية والتي لا تخلو في كثير من الأحيان من الانظمة المحبطة والمثبطة والمقيدة للمبادرين و المبدعين من الشباب القيادي الطموح الذي يفكر خارج الصندوق.

الميزة الثانية: إكتساب خبرات عملية وتجارب إدارية
في الغالب فإن الطالب يصب مجمل تركيزة على تحصيلة العلمي متنقلا بين القاعات و المناهج الدراسية، في حين ان الجانب المجتمعي والخدمي يكون هامشي او مهمل طيلة المرحلة الدراسية للطالب، ومن هنا تأتي اهمية انخراط الطالب في الاعمال التطوعية والتي تكسبة خبرات عملية وعلمية لن تتاح له او لها من خلال القاعات والمناهج الدراسية. من اهم الخصال التي يكتسبها المتطوع خصلة البذل ومعانية والاحسان ومقاصده وحب الخير واثره وطمئنينة النفس وحلاوتها، ونبل الطباع واهميتها، وشهامة الرجال في المواقف والملمات، فكما قيل (الحياة مدرسة ومناهجها التجارب).

الميزة الثالثة: بناء علاقات شخصية جديدة
العمل في المجتمع التطوعي يكسبك مصاحبة الاخيار من اهل البذل والعطاء والاحسان بلا مقابل، فهم اهل الهمم واهل الخلق والعلم. فما بني على المحبة الصافية والصحبة الصادقة بدون تكلف او مقابل فسيكون نتاجه بأن غنمت كنوز دنيا، فكما قيل ويقال بأن معرفة الرجال كنوز، وخيرا من التجارة مغانمها. واستشهد هنا بقول الحبيب علية الصلاة والسلام: ( إِنَّمَا مَثَلُ الجليس الصالحُ والجليسُ السوءِ كحامِلِ المسك، ونافخِ الكِيْرِ فحاملُ المسك: إِما أن يُحْذِيَكَ، وإِما أن تبتاع منه، وإِمَّا أن تجِدَ منه ريحا طيِّبة، ونافخُ الكير: إِما أن يَحرقَ ثِيَابَكَ، وإِما أن تجد منه ريحا خبيثَة ).

الميزة الرابعة: التعرف على عادات وثقافات مختلفة
المشاركة في الاعمال التطوعية يفتح أبواب الثقافات والمجتمعات الموصدة امام كثير من الباحثين والدارسين. من خلال العمل التوعوي تستطيع الوصول الى قلوب الجميع وبلا استثناء او تكلف مهما أختلفت جنسياتهم او معتقداتهم بأسرع الطرق وايسرها. فما يتم دراسته والتنقيب فيه عن الثقافات والمجتمعات في الجامعات والمعاهد تستطيع الوصول اليه وفهمه واكتشافه من خلال بضع أعمال تطوعية مع افراد تلك المجتماعات. سينتابك شعور من نوع مختلف عند الانتهاء من احد تلك الاعمال التوعويه، فهو عمل رائع يستحق التجربة.

الميزة الخامسة: تأصيل مفهوم مكارم الاخلاق
من اهم الصفات التي يمتاز بهما المشاركين في الاعمال التطوعية هو البذل والعطاء بدون مقابل. وكما ذكرت في المقدمة بان هذه الصفات هي من صفات وخصال العظماء والانبياء. فإن هذه الصفات والخصال قد جبل الانسان عليها منذ ولادته ولكن مالم يتم صقلها و تطويرها وتصفيتها من شوائب الدهر وافعال الزمان فستظل راكدة هامدة اوقد تنقرض وتضمحل. وهنا يأتي دور العمل التطوعي، فمن خلاله يكتشف الشاب او الشابة المشارك مدى تأثير ذلك الفعل على جانبه النفسي والانساني، والذي بدوره يفتح امامه وداخل عقله ابواب الحكمة ويتيح له مشاهدة العالم من النافذة الاكبر المطلة على شرفة الحياة الفسيحة، بالاضافة الى ترويض النفس والخروج بها من قوقعة الانا والانانية إلى حب الخير للجميع. وهذا تأكيد لحديث الحبيب علية الصلاة والسلام عندما قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).

الميزة السادسة: الحصول على السعادة القلبية والصحة النفسية السليمة
يقول الحق - سبحانه -: {مَنْ عَمِلَ صَالِـحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:٧٩]. الصحة والتوازن النفسي مطلب اساسي للاستقرار الفكري والدراسي و الاجتماعي، ومن اهم فوائد ومزايا العمل التطوعي هو الاحساس بإشباع الجانب الديني والروحي والذي يعد امرا في غاية الاهمية. فعندما يدرك المتطوع بان ما يقوم به من بذل وعطاء وإحسان هوعمل تعبدي، "حيث انها عبادة متعدية، واجرها وفضلها خير من العبادة القاصرة" فهذا بدوره سيدفعه تلقائيا الى الاحساس بالطمئنينة النفسية الكبيرة والتي يكون لها مردود سحري على تعاملاته وعطائه وعلاقاته. ايضا من مزايات العمل التطوعي والمرتبطة بالصحة النفسية القدرة على ترويض النفس ومحاولة التحكم في انفعالتها.
 حيث ان العمل التطوعي يدفعك الى الالتقاء بإناس غريبي الاطوار ومختلفي الطباع والثقافات، وهنا يأتي دور الحلم وقوة التحمل وفن إدارة المواقف. ايضا من ميزات العمل التطوعي بان يتم تفريغ الطاقة الحيوية سواء الايجابية او السلبية، حيث ان بقائها في الجسم يكون ضار بها مهلك لبنيتها الفكرية والبدنية.

هذه بعض المزايا التي احسست بها وإكتسبتها خلال مشاركاتي البسيطة في بعض الاعمال التطوعية (الخيرية) والتي وددت ان اشاركها مع نخبة الشباب، الذين يقع على عاتقهم حمل وهو تأصيل وتفعيل الدور الخيري والاعمال التطوعية في مجتمعنا. فجميعنا يأمل ويتمنى بأن يشاهد الخير ومحبي الخير ليس فقط في كل ركن من اركان بلدنا الخير المعطاء بل في ارجاء الكون الفسيح. يدا بيد لبناء مجتمع الابداع و العطاء والتميز.
د. فهد الفيفي

الثلاثاء، 12 أبريل 2016

"قانون إسثمار الطاقة البشرية"



مع نهاية الاسبوع الماضي، بدائت في التخلص من بعض قطع الاثاث القديمة والتي لم أعد في حاجة لها. كان من بين تلك القطع جهاز ركض (سير) اشتريته قبل حوالي السنة. لا أذكر انني ركضت عليه إلا فترات قليلة ومتقطعة لا تزيد عن ساعة من الزمن، وفي جميع الحالات مجبر (من غير نفس).
وعندما اقارن ما اقوم به عند السفر الى إحدى المدن السياحية، فانا اقوم بالمشي ربما 6 ساعات متواصلة من دون تعب او كلل او ملل، بل ربما أنني على استعداد ان اتحمل التعب والالم من اجل مواصلة السير.
الفرق بين الحالتين هو ان الحالة الاولى مصطنعة ونفرضها على انفسنا بالقوة، بحيث يكون جل اهتماما على تأدية العمل كعمل ومن ثم الانتقال لما هو محبب للقلب والنفس. اما في الحالة الثانية، فهي غير مصطنعة بل هي محببة للنفس مع توفر الفرصة و القدرة.
الحالتين السابقتين تم إستخدامها كمقدمة لما اريد الحديث عنه وهو ماحدث معي يوم أمس عندما زارني في مكتبي أحد الطلبة السعوديين الدارسين في القسم الذي اعمل به، حيث قام بطلب مشورتي حول موضوع هام يرتبط بمستقبله. كان السؤال يقول: ماهو التخصص الافضل والاصلح والانسب لي حتى اقوم بالإلتحاق به؟ بلا شك مثل هذا السؤال والتسائل مرعلى كثير منا قبل الدخول والالتحاق بالبيئة الاكاديمية...اليس كذلك!!
ولكي نستطيع إفادة مثل هذا السائل وأمثاله من أبناء هذا الجيل، كان لزاما علينا ان ندرك عدة امور هامة وعلى رئسها الاحصاءات التي تقول بأن ما نسبته 46% من خريجي الجامعات الأمريكية يعملون في مهن ليس لها علاقة بدراستهم الجامعية. وهذا إن دل على شيئ فإنما يدل على أن ذلك الطالب او الطالبة قد أقدم على قرار خاطئ بأختياره لتخصص أكاديمي لا ينتمي له ولن يستطيع الابداع التميز من خلاله، ونتيجة لهذه الاخطاء الكارثية من قبل ابناءنا وبناتنا واخص هنا وبالتحديد خريجي المرحلة الثانوية، والتي بدورها تؤدي إلى حدوث هدر كبير للعقول والطاقات البشرية التي كان بالإمكان الاستفادة منها بشكل افضل لو ادرك هؤلاء الطلاب والطالبات القانون المنطقي والذي اطلقت عليه "قانون إستثمارالطاقة البشرية".
ينبني هذا القانون على ثلاث معايير رئيسية. حيث يجب على كل إنسان يرغب بأن يكون مبدعا ومتميزا في مجال عملة وتخصصة ودراسته ان تتوفر لديه هذه المعايير الاساسية. وهذه المعايير الثلاثة هي كالتالي:
اولا: المحبة
لا تدرس ولا تعمل في مجال لا تحبه وتعشقة إذا كنت تسعى وتطمح إلى التميز والإبداع. نعم هناك خلق كثير يدرس ويعمل في مجال لا يحبه ومثل هؤلاء ينتجون ولكن لا يبدعون. وهذا هو الفرق الجوهري والكبير ما بين النوعين (الابداع والتميز – مقابل – الانتاج فقط).
قد يتسائل الكثير، وكيف اتعرف واكتشف رغبتي تجاه تخصص عن اخر؟
الأجابة هي أنه لابد من الاطلاع والممارسة لتخصصات متعددة ومختلفة لإكتشاف ميولك ورغباتك الحقيقية. لانه في كثير من الاحيان تظهر هناك رغبات عابرة وقد تكون خادعة مظللة، او مبنية على إقتراحات أو توصيات من الاقارب او الاصحاب. وعليه فيجب البحث الجاد والقراءة المتأنية حتى يتم أتخاذ القرار الصائب. وفي كثير من الدول المتقدمة يتم إعطاء وتزويد الطالب والطالبة في السنتين الاخيرتين من المرحلة الثانوية وما قبل الجامعية بمواد تسمى ( Exploratory Coerces ) – مواد استكشافية. تكون في تخصصات وموضوعات مختلفة مثل الاقتصاد و الادارة والسياسة و الفلسفة و الطب ...الخ. بحيث يتعرف الطالب من خلالها على رغباته وميوله الحقيقي تجاه تخصص عن اخر.
أما في حالة تعذر امام الطالب وجود مثل هذه المناهج خلال دراستة للمرحلة الثانوية، فهنا يجب عليه الإطلاع بنفسة على كتب لها علاقة بتخصصات مختلفة ومتنوعة. وانصح دائما بالبداء بقراءة الكتب التي تكون بعنوان (مقدمة في علم ....). حيث انها في الغالب تكون كتب مبسطة ومختصرة ومركزة، وهذا النوع من الكتب يطلق عليها في اللغة الانجلزية بالـ ( dummies books ).
المعيار الثاني: الفرصة
اذا توفر المعيار الاول والذي هو يدور حول المحبة فهذا رائع ولكن لن يكون فعالا ونافعا مالم يتوفر المعيار الثاني والذي يدور ويتمحور حول وجود الفرصة. والمقصود بالفرصة هنا أي انك حال انتهائك من دراستك فستجد بيئة تستطيع من خلالها تطبيق ما أحببته وتعلمته وتكون على شكل فرصة عمل ممكنة، وهذا بدورة سيدر عليك المال والسعادة والاستمتاع بحياتك العملية.
فتخيل معي انك احببت ومن ثم درست هندسة البترول وانت ستعمل في دولة لا تحتوي على بترول إطلاقا. او انك احببت ودرست علم الغابات ثم قررت العمل في احدى دول الخليج العربي. في هذه الحالة فإن فرصتك في ممارسة ما أحببت وعشقت غير ممكنة، فتكون المحصلة انه لا قيمة لما أحببت وعشقت إذا لم تكن هناك فرصة واضحة وممكنة لممارسته ذلك العلم. وعليه فلابد ان تحرص على توفر معيار الفرصة لما تحب.
وهنا يتسأل الكثير، كيف أتعرف على الفرص المتاحة في سوق العمل؟
هناك عدة جهات تقوم بإصدار قوائم بالفرص الوظيفية المتاحة في سوق العمل على المدى القريب والمتوسط والبعيد، ومن اهم تلك الجهات هي وزارة التخطيط، وزارة العمل، ومراكز المعلومات في الغرف التجارية و مصلحة الإحصاءات. بالاضافة لبعض الجهات االمسؤولة عن الموارد البشرية في القطاعين الحكومي والخاص ومكاتب التوظيف.
المعيار الثالث: القدرة
لابد ان تتعرف على قدراتك الخاصة التي وهبك الله إياها بشكل طبيعي، وايضا تلك المهارات التي التي يسهل عليك اكتسابها والتي ستميزك عن أقرانك، حيث ان هناك مجالات وتخصصات لا تعتمد فقط على المحبة والفرصة بل وايضا تعتمد على تميزك بقدرات ولدت بها ومن مكوناتك الخلقية والخلقية اومهارات يسهل عليك اتقانها وتعلمها بشكل افضل واسرع من اقرانك. واقصد هنا بقدرات خاصة اي مثل قوة الذاكرة، سرعة البديهة، الشكل الجيد. اما المهارات المميزة فأقصد بها على سبيل المثال إتقان لغة أجنبية او لغات متعددة.
ولنفرض مثلا ان لدينا شاب سريع الغضب ولكن هذا الشاب يحب خدمة العملاء او التسويق، بالإضافة إلى وجود فرصة كبير للعمل في بيئة العمل المحيطة به، في هذه الحالة، فإن هذا الشاب لا يصلح ان يعمل في هذه المهنة. فلا قيمة للمحبة و الفرصة إن انعدمت القدرة على إتقان تلك المهنة في بيئة العمل.
إذا، لو نفترض انك ستعمل 8 ساعات يوميا فهذا يعني انك ستقضي ما يقارب الـ 26 عام من حياتك في بيئة العمل والثلث الأخر في النوم، فإحرص الحرص الشديد على ان تقضيها في مجال تحبه وتعشقة وتتقنة حتى تتتمكن من الإبداع والتميز. وهذا بدوره سيوفر على مجتمعنا الكثير والكثير من الهدرالكبير للعقول والطاقات والقدرات البشرية، والتي تبنا عليها الأمم وتنهض بها الشعوب.
د. فهد الفيفي


الخميس، 7 أبريل 2016

حمض الـ DNA و تكافؤ النسب!!




عندما ترغب في ممارسة عمل تجاري مع شخص ما فإنك تتحرى عن أمانته، وعندما تصلك معلومات ما فستتحرا عن مدى صدق ناقلها، وعندما تبحث عن صديق فأنك تبحث عن الشخص الوفي، وعندما يرغب شخص في الزواج من عائلتك فإنك تتحرى عن مدى تقواه وصلاحه...الخ. ولهذا فقد خلقنا الله مختلفين فيما بيننا البين في الاشكال والالوان والقدرات والتفكير والمواهب والذريات وحتى في الارزاق، ولكن هذا لا يعني اننا لسنا من اصل واحد وجد واحد وهو أدم عليه السلام...

وبالنظر الى تاريخ البشر وأصولهم وانسابهم معتمدين في ذلك على علم الانسانيات، فسنجد أن تاريخ الانسان الحديث والذي يمثله انا وانت وجارنا الاسود وصديقنا الاوربي الاشقر و صاحبنا الصيني و الهندي و البرازيلي و الكيني واليهودي يعود الى حوالي 200 الف عام فقط، وهناك بعض الدراسات الأخرى التي تقول بأن تاريخ الانسان البدائي يعود الى 2.8 مليون عام.

وهذا يعني اننا جميعا نشترك في النسب والاصل والفصل، وهذا يعني ايضا بأننا لو ادرنا عقارب الساعة الى الآف السنوات الى الوراء لوجدنا اقارب لنا وربما ابناء عمومة من جنسيات مختلفة قد لا نتوقعها. وبناء على هذه المسلمات التي لا ينكرها الا جاهل او عنصري، فقد قررت خوض التجربة المثيره والتعرف على أقاربي وابناء عمومتي المتواجدين في الأمم والدول المختلفة من حولنا، وكان ذلك عن طريق القيام بتحليل حمض الـ DNA والذي يظهر لك نتائج مهولة تمتد الى 5000 عام.

وبأختصار، فقد أظهرت النتائج بأن لدي ابناء عمومة وأقارب في كلا من الجزيرة العربية من شمالها الى جنوبها، ودول الشام و دول الشمال الافريقي و تركيا. بل المفارقة العجيبة ان ظهر لي اقارب في فيلندا و فنزويلا.

ما اريد الوصول اليه من خلال هذا الطرح هو: ان جميعنا بشر، فلم اختر ان أولد وانشاء في قمم الجبال بجنوب السعودية, وانت كذلك لم يكن لك حول ولا قوة بأن ولدت في أدغال افريقيا او انهار الامازون. الذي يميز بعضنا عن بعض هي مجرد صفات شكلية لا اكثر، كالسعادة و الحظ و التعاسة والبؤس والغنا والفقر ومستوى التعليم ...وحتى هذه هذه الصفات ليست ذنبي او ذنبك، بل هي نتائج لبناء تراكمي طويل من العوامل التاريخية والجغرافية والثقافية والدينية، وفوق هذا كله "حكمة الله"، والتي بدورها أدت الى رفع و تميز بَعضُنَا عّن بعض!!

قال تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {الحجرات:13}، وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قيل: يا رسول الله من أكرم الناس؟ قال: أتقاهم، قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فيوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله، قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فعن معادن العرب تسألون؟ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا.

ما يتم تداوله هذه الأيام حول الأنساب و الأصول واستخدامها بطرق غير لائقة هي وبدون ادنى شك شر وذريعة لإستثارة النعرات الجاهلية العنصرية المقيتة المهلكة التي تبعث على الإشمئزاز. وليعلم الجميع بأنه ليس هناك فروق وراثية اوجينية تميز قبيلة او طائفة او عرق عن اخر ولكن ما يمايزهم هو العلم والجد والاجتهاد ومخافة الله. ولنتذكر قول حبيبنا وقدوتنا ومعلمنا محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام عندما تداعى بعض الأنصار والمهاجرين ذات يوم بدعوى الجاهلية، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: دعوها فإنها منتنة. وفي رواية: دعوها فإنها خبيثة.

الدكتور فهد الفيفي


            

الأحد، 3 أبريل 2016

لا تحكم على الكتاب من عنوانه!




قد لا تختلف معي عندما اقول لك بأننا جميعا نرتدي اقنعة نخفي خلفها ارواحنا الحقيقية. ولكن قد نختلف في نوعية تلك الأحكام التي نطلقها على حاملي تلك الاقنعة. فتارة ستجد هناك أناس تحمل اقنعة تخفي خلفها ما قبح وشان من الصفات، وتارة تجد أناس تحمل اقنعة تخفي خلفها ما حسن وطاب من جميل الخصال والأقوال...

بالطبع، قد تختلف درجات قبولنا أورفضنا لحاملي تلك الاقنعة، وذلك بناء على ما يتناسب ورغباتنا وما نؤمن به ونستلطفه من صفات الخَلقية والخُلقية. وبالتأكيد فإن معرفتك المسبقة، وشياطين الإنس والجان، ورواسب الزمان ستلعب الدور الأكبر في إصدار تلك الأحكام، وفي كثير من الأحيان تكون عائقا وجدار يمنعك من رؤية الأخرين على حقيقتهم وفهمهم بالطريقة الصحيحة مالم تكلف نفسك عناء الإمعان الصادق المحايد والمتأني حتى تتمكن من الغوص إلى ما خلف تلك الأقنعة!!

وقد اثبتت كثير من دراسات علم النفس ان كثير من البشر بفطرتهم يطلقون الأحكام التلقائية والمسبقة على بعضهم البعض بناء على الملامح الخارجية للشخص وبالتحديد الوجة. فقد توصلت دراسة فرنسية إلى ان ملامح الشاهد الوسيم في المحاكم الفرنسية قد توحي للمحلفين في كثير من الأحيان بأنه شخص صادق ومحترم!!

وفي دراسة أخرى قدمها الدكتور وعالم النفس ميكل غالتر من جامعة كارولينا -  اثبت بأننا نطلق احكام مسبقة على البشر بمجرد النظر الى شكلهم الخارجي، فمثلا: الرجل الاصلع يوحي لنا بالذكاء والالتزام، اما الرجل الملتحي فيوحي لنا بالوقار والهدوئ، وأما الرجل المتبسم فيوحي لنا بالراحة والطمئنية، وأما الرجل صاحب العينين الواسعتين فيوحي لنا بالطيبة والنزاهة اكثرمن غيرة من اصحاب العيون الصغيرة !!

بكل تأكيد ان الاكتفاء بهذه المعايير السابقة الذكرغير كافية لإطلاق الاحكام النهائية على البشر. وقد تلاحظ معي اننا كثير ما نتورط في المظهر واصدار الاحكام من اول لقاء، فنندفع ونتهور في احكامنا على البشر و محبتنا لهم على قدر اندفاعنا وتهورنا في كرهنا لأشخاص أخرين قد نكتشف وفي وقت متأخر وحين لا ينفع الندم بأننا كنا مخطئين في تلك المحبة الكبيرة او ذلك البغض العجيب...

هذا التهور في اطلاق الأحكام وتسطيح الفكر انتج وافرز لدينا ثقافة تبنت افكارا خاطئة وأحكام مسبقة غير دقيقة لما يدورحولها وعن من تحبهم و تبغضهم لدرجة اننا اصبحنا نستشهد بأمثلة خاطئة مثل المثل الدارج "الكتاب باين من عنوانه"، في حين انه كان من الانجب والاصلح الاخذ بالمثل القائل "لا تحكم على الكتاب من غلافه او من عنوانه"...

وليكن القران ورسولنا وصحابته الكرام دليلا ونموذجا لنا في تعاملتنا مع اقراننا من البشر. قال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾

وفي قصة سيدنا عمرُ بن الخطّاب رضي الله عنه عندما سأل عن رجلٍ ما إذا كان أحدُ الحاضرين يعرفه، فقام رجلٌ وقال : أنا أعرفه يا أمير المؤمنين.

فقال عمر : لعلّكَ جاره، فالجارُ أعلمُ النّاس بأخلاقِ جيرانه ؟
فقال الرّجلُ : لا

فقال عمر : لعلّكَ صاحبته في سَفرٍ، فالأسفار مكشفة للطباع ؟
فقال الرّجلُ : لا

فقال عمر : لعلّكَ تاجرتَ معه فعاملته بالدّرهمِ والدّينارِ، فالدّرهمُ والدّينار يكشفان معادن الرّجال ؟
فقال الرّجلُ : لا

فقال عمر : لعلّك رأيته في المسجدِ يهزُّ رأسَه قائماً وقاعداً ؟
فقال الرّجلُ : أجل

فقال عمر : اجلسْ فإنّكَ لا تعرفه

كان ابن الخطّابِ يعرِفُ أنّ المرءَ من الممكن أن يكون ذا قناع إما صالح اوغير ذلك، وكلاهما لا يمكن الحكم عليهم من المظهر او من خلال جلسة عابرة او صحبة قصير...بل هي عشرة وتعامل وصحبة طويلة تكشف الجوهر المكنون ...فكن كيسا فطنا!!

الدكتورفهد الفيفي

افلام اون لاين